شهدت القارة الاوروبية خلافات وصراعات كثيرة قادتها إلى أكبر حربين كونيتين عرفتهما البشرية ، ونتيجة لما أسفرت عنه هذه الحروب من دمار في نواحي الحياة كافة والتحولات في ميزان القوى العالمي، فقد ولدت لدي الأوروبيين أن الحرب لا فاده منها فهي تهدر الطاقات وتستنزف الثروات ،ونتيجة لذلك وجهت الدول الأوروبية الخطى نحو القيام بكل ما هو ضروري لمنع حدوث هذه الحروب مرة أخرى، فكان لابد من إقامة علاقة تقوم علي المصالح المشتركة وإزالة الخلافات والنزاعات لتحقيق التعاون الأوروبي .
كما أصبح الحديث عن السياسة النقدية في الاتحاد الأوروبي منذ أن بدأ البنك المركزي الأوروبي في تنفيذ سياسة نقدية موحدة في منطقة اليورو منذ الأول من يناير 1999 ،إذ حددت معاهدة ماستريخت هدف تحقيق الاستقرار في الاسعار هدفاً رئيساً للمنظومة الأوربية فتؤكد المادة الخامسة بعد المائة من تلك المعاهدة علي أن الهدف الرئيس للنظام الأوروبي للبنوك المركزية يتمثل في الحفاظ علي استقرار الاسعار، وهو ما يعكس الاتفاق حول هدف تحقيق الاستقرار السعري كأفضل ما يمكن أن تقدمه السياسة النقدية لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة ومراعاة البعد الاجتماعي .
لكن كل هذه الإنجازات لهذه السياسة النقدية دارت وتدور تساؤلاتها حول إمكانية استمرارها كسياسة موحدة لدول الاتحاد ، فقد أصبح العالم ينظر إلى هذه على انها تجربة مملوءة بالثغرات والأخطاء ، بسبب أزمة الديون الأوربية ، وانعكست الصورة وأخذ الطلب العالمي علي اليورو في التذبذب نتيجة للمخاطر المحيطة به ، وكثرة الصدمات فبات الطلب في تغير السياسة النقدية لدول الاتحاد من أجل تلافي صدمات أخرى تهدد مستقبل السياسة النقدية.
تكمن مشكلة الدراسة في تذبذب السياسة النقدية للاتحاد الأوروبي ومن ثم ظهور كثير من الازمات التي تواجه الاتحاد نتيجة اختلافات سياسية واقتصادية وأيدولوجية ، وعدم القدرة علي حل هذه المشاكل الاقتصادية ، مما ينعكس بالسلب علي اقتصادات دول العالم و الدول النامية ،وبالأخص من ناحية السياسة النقدية ،فجاءت هذه الدراسة لتوصيف واقع السياسة النقدية في الاتحاد الاوروبي وأفاقها ومستقبلها حتى يكون هناك رؤية مستقبلية لتلافي الاثار التي يمكن أن تحدث .